شريط الاخبار

قائمة

تحليل الخطاب والخطاب الأدبي ... خصوصية المبنى والمعنى

تعريف الخطاب
 تحليل الخطاب مركب مكون من كلمتين: الأولى(تحليل)؛ والتحليل كما جاء في معجم مقاييس اللغة؛"يطلق على كل شيء لم يبالغ فيه، فيقال:"ضربته تحليلا"،" وقعت مناسم الناقة تحليلا:؛إذا لم تبالغ في الوقع بالأرض.وهو قول كعب بن زهير: "وقعهن الأرض تحليل"، لكن هذا المعنى أكل الزمان عليه وشرب، فتحول المصطلح إلى معاني أخرى، خاصة مع تيار التجريب، وانتقال مصطلحات هذا الأخير إلى مجال العلوم الإنسانية، مما جعل التحليل متعدد المعاني والقصديات بتعدد متناوليه.

أما الكلمة الثانية فهي الخطاب، وقد عرفت في نفس المعجم ـ السابق ذكره ـ :" الخاء والطاء والباء،أصلان؛ أحدهما الكلام بين اثنين"، وهو ما يهمنا هنا. فالخطاب إذن يستلزم حضور عنصرين على الأقل، وهذا ما نجده في الثقافة الغربية أيضا، خاصة حينما يقسمون الخطاب إلى قسمين :
discoure direct et discoure indirect
وذلك بحسب : هل الكلام الذي يتلفظه المرسل يرسل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى المرسل إليه؟

.


أما تحليل الخطاب فيعرفه محمد خطابي:" كل مقاربة تتخذ لها موضوعا للوصف ؛ وحدة لغوية أكبر من الجملة".وهذا يتكامل مع ما جاء به بول ريكور ؛ حين اعتبر أن الخطاب يتطلب إشارتين أساسيتين هما الاسم والفعل؛ اللذان يرتبطان في تركيب يتخطى حدود الكلمات.
فإذا كان الأول يميز تحليل الخطاب بناء على الوحدة اللغوية وحجمها؛ وهذه الوحدة أكبر من الجملة، فالثاني يستند إلى رأي أرسطو، ويعتبر أن للاسم معنى وللفعل فضلا على انطوائه على معنى إشارة إلى الزمن، وارتباطهما هو الذي يحقق الرابطة الأسنادية، التي تسمى لوغوسا أو خطاب.



المبادئ التي تحكم التأويل في الخطاب:


Embridge university press ، الصادر عن discoure analysisيعالج براون ويول، صاحبا كتاب
سنة 1983؛ المبادئ والعمليات التي يشغلها المتلقي بهدف كشف اكتشاف انسجام خطاب ما، وهما قبل أن يوردا هذه المبادئ، ينطلقان من مسلمة مفادها؛ أن الخطاب لا يمكن الحكم عليه بأنه منسجم بذاته أو لا منسجم، فهو ليس معطى، بل يستمد انسجامه أو عدم انسجامه من فهم وتأويل المتلقي ليس غير.
ويبرهن محمد خطابي على كلامهما، بإيراد جملة تفتقر إلى روابط شكلية، لكن مع ذلك يستطيع القارئ فهمها وتأويلها. ونقدم جملة مثيلة لها وأقرب إلى تمثلنا:

السرديات في الخطاب النقدي العربي:الجمعة 24 فبرابر 2012، سعيد يقطين(كلية الآداب، الرباط)،على الساعة 3:00 بعد الزوال، القاعة 4، الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية.



فإعلان كهذا لن يخلق مشكلة فهم لقارئ اعتاد مثل هذه الإعلانات؛ حيث أنه يعلم أن موضوع المحاضرة سيكون السرديات في الخطاب النقدي العربي، وسيتم ذلك حسب الزمان المشار إليه، وسيكون من إلقاء الأستاذ سعيد يقطين، والقارئ لن يحير في أي الكليتين؛ لأنه يعلم بالبديهة أن المحاضرة ستلقى بالكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية، أما كلية الرباط فإشارة إلى مكان تدريس الأستاذ سعيد.
ومبادئ انسجام الخطاب، كما جاء بها براون ويول، هي كالآتي:

1ـ السياق وخصائصه:
حيث يتم التركيز على السياق؛ الذي يلعب دورا فعالا في تأويل الخطاب، ويتكون السياق عندهما من (المتكلم/الكاتب،المستمع/القارئ، والزمان والمكان).أما هايمس فله تصنيف آخر لخصائص هذا السياق هو:
المرسل(منتج القول) ـ المتلقي( متلقي القول) ـ الحضور(مستمعون آخرون حاضرون، يساهم وجودهم في تخصيص الحدث الكلامي) ـ الموضوع ( مدار الحدث الكلامي) ـ النظام(الأسلوب اللغوي المستعمل) ـ شكل الرسالة ( دردشة، جدال، خرافة...) ـ المقام( الزمان، المكان،العلاقات الفيزيائية بين المتفاعلين) ـ القناة( وسيط الحدث الكلامي) ـ المفتاح( تقويم الرسالة) ـ الغرض( نتيجة الحدث التواصلي).
وتختلف هذه الخصائص وتتعدد بحسب المستعمل، لكن وكما قال براون ويول؛ بقدر ما يعرف المحلل أكثر ما يمكن من خصائص السياق بقدر ما يحتمل أن يكون قادرا على التنبؤ بما يحتمل أن يقال، كما يمكن للقارئ( المحلل)أن يستنتج عناصر أخرى لفهم الخطاب، إذا كان على دراية ببعض سياقاته.

2 ـ مبدأ التأويل المحلي:
وهذا المبدأ يعلم المستمع ألا ينشئ سياقا أكبر مما يحتاجه من أجل الوصول إلى تأويل ما؛ أي أنك لا تستثمر خلاياك السماعية لإنتاج معنى عظيم وبعيد، إنما تأخذ الفكرة في أقرب معانيها البسيطة. والمؤلفان يضربان مثلا لذلك:
جلس رجل وامرأة في غرفة الجلوس العائلية....، سئم الرجل واتجه إلى النافذة ونظر إلى الخارج......خرج وذهب إلى ناد.....، تناول مشروبا وتحدث مع الساقي.
في السياق العادي نفهم أن الأشخاص والزمان و المكان في هذه المتواليات السردية هي نفسها، ولا نفترض أن الرجل رجل آخر أو النافذة واحدة أخرى أو أن النادي لا يوجد في المدينة نفسها.

3 ـ مبدأ التشابه:
حيث يتم النظر إلى الخطاب الحالي في علاقة مع خطابات سابقة تشبهه،أي أن مراكمة التجارب وألفة المتلقي في تلقيه لمجموعة من الخطابات، يقود إلى فهم وتأويل الخطاب على نحو معين وفي ضوء تجربة سابقة. ومثال هذا؛ المثال الذي سبق ذكره في مبدأ التشابه المحلي، إذ أن تجربة المتلقي وعلاقته السابقة مع خطابات من ذلك النوع( مبدأ التشابه)، هو ما يجعل المتلقي يعتبر ذلك المثال خطابا منسجما، وبالتالي فلن تختلف الشخصيات أو يختلف الزمان أو المكان.

4 ـ التغريض:
حيث ينتظم الخطاب حول عنصر خاص، يشكل نقطة بداية مركزية لتوالي الجمل، وهذا العنصر قد يكون اسم شخص أو قضية أو حادثة ...الخ، وقد يتم عن طريق تكرير اسم شخص، أو استعمال الضمير، أو جزء من اسمه، أو تحديد دور من أدواره في فترة زمنية وغيره.وغالبا ما نجد هذا النوع في كتب التراجم، ومثال ذلك:
" السيرفي : الحسن بن عبد الله بن المرزبان السيرفي،أبو سعيد النحوي القاضي،أصله من سيراف، وهي بلدة على ساحل البحر من فارس، ولد سنة 284هـ ، كان أبوه مجوسيا اسمه بهرزاد، فسماه أبا سعيد عبد الله ، تفقه في عمان، وسكن ببغداد، فقرأ على أبي بكر بن مجاهد القرآن، وعلى أبي بكر بن دريد اللغة، ودرس عليه جميعا النحو، وقرأ على أبي بكر بن السراج، وأبي بكر المبرمان النحو، وقرأ أحدهما عليه القرآن، ودرس الآخر عليه الحساب.
وهناك من يعتبر العنوان عنصرا مهما كذلك من عناصر التغريض، لكن براون ويول يخالفان ذلك ويعتبرانه فقط تعبيرا ممكنا عن موضوع الخطاب.
________________________________________
مسندات الخطاب:

وهي العمادات التي يستند عليها الخطاب، ولا يمكن لتحليل الخطاب أن يكون إلا بها وبتواجدها، فهي المفتاح الذي يفتح لنا الرؤى لممارسة التأويل، وهي كما يلي:
1 ـ المعرفة الخلفية:
وهي مجموع التراكمات المعرفية والتجارب السابقة؛ التي خزنها العقل، وراكمها في داخله، فتبدأ في الظهور وقت الحاجة إليها، وهي لا تظهر جملة، بل إن الشخص هو الذي يختار من المخزون الهائل للمعلومات ما يلائمه.
ونحن نوظف هذا في بحوثنا ونقاشاتنا ومحاوراتنا ، وتقريبا في كل استعمالاتنا.
2 ـ الأطــــــــــــــــر:
وهي طريقة من طرائق تمثل المعرفة الخلفية كذلك، ونظرية الأطر من وضع مينسكي، وتمثل الوضعيات الجاهزة أو التمثلات النموذجية الجاهزة لوضعية ما، بحيث أن المتلقي لا يحتاج إن صادف كلمة " منزل"في خطاب ما، أن يذكر أن لهذا المنزل سقف وباب...إلخ، فتلك معلومات جاهزة. مثال ذلك:
يجب الإدلاء ببطاقة الناخب عند الاقتراع
فالتمثلات القبلية الجاهزة؛ أن هناك انتخابات على الأبواب، وعند الذهاب للانتخابات لا بد من الإدلاء ببطاقة وهذه البطاقة تحمل اسم بطاقة الناخب، وهذا يتم ضمن زمن معين وفي مكان محدد.
3 ـ المدونـــــــــــات:
طور المفهوم للتعامل مع متواليات الأحداث، وطبقه روجي شانك على فهم النص مقترحا طريقة لدراسة سماها " التبعية المفهومية"، وتتضمن المدونات متوالية معيارية من الأحداث، تصف وضعية ما. ومثال ذلك:
ـ أكل جون الآيس كريم بملعقته.
ـ تناول جون الآيس كريم بنقله بملعقته إلى فمه.
4 ـ السيناريوهـــات:
استعملها سانفورد وكارود، لوصف المجال الممتد للمرجع المستعمل في تأويل نص ما، ولنفهم أكثر نقدم المثال الآتي:
حضرت إلى ندوة علمية بالكلية
فالفهم المؤسس على السيناريوهات يجعلنا ندرك أن هذه الندوة كانت بحضور ثلة من المثقفين والأساتذة الكبار والطلبة، وأنها طرحت موضوعا علميا ما، وهذا الموضوع تناولته ورقات كثيرة للأساتذة المحاضرين، كما عرفت الندوة مناقشات وأسئلة غنية، وهذه الندوة محددة الزمان والمكان.
5ـ الــخطــــــاطــــة:
حيث يقترح براون ويول النظر إليها كمعرفة خلفية منظمة تقودنا إلى توقع (أو التنبؤ) مظاهر في تأويلنا للخطاب، بدل النظر إليها كقيود حتمية على كيفية وجوب تأويل الخطاب.
وتتمثل الخطاطة بشكل جلي في الأحكام المسبقة، القائمة على اختلاف الجنس أو العرق أوالديانة.
فمثلا هناك صورة العربي عند الأمريكي؛ التي تمثل ذلك الإرهابي ، المتمرد البدوي ، الجاهل والهمجي...
وصورة الأمريكي عند العربي؛ ذلك المستبد، الظالم المستعمر حليف الصهيونية، الخائن للقيم الإنسانية.
6 ـ الاســـــــــــــتدلال:
يقصد به المؤلفان( براون ويول)؛ تلك العملية التي يجب على القارئ القيام بها للإنتقال من المعنى الحرفي لما هو مكتوب إلى ما يقصد الكاتب إيصاله.
مثلا أن تقول في قاعة الدرس:" البرد قارس"
هذا يعني أنك توجه خطابا لشخص آخر، تطلب منه فيه أن يغلق الباب أو النافذة( مصدر البرد).
أ ـ الاســـــــــــتدلال كافتراض تجســـــــــــــيري:
مثال:
ـ اجتزنا امتحانات الدورة الربيعية.
ـ كان النحو صعبا.
هذا يعني أن النحو كان من المواد التي قمنا باجتيازها في امتحانات الدورة الربيعية.

ب ـ الاســـــــــتدلال كـــــــرابط مفــــــــــــــقود:
ويمكن وصفه بالتجسيري أيضا،كما سماه هافيلاند لأنهما متداخلان إلى حد كبير. ومثاله ماقدمه محمد خطابي:
ـ اشتريت أمس دراجة.
ـ الإطار واسع جدا.
ـ للدراجة إطار.
فالروابط المفقودة، تقصر على أن توصف استدلالات، لأنها لا تحتاج إلى أي جهد تأويلي إضافي لاكتشافها.

ج ـ الاســــــتدلال والـــــــــــترابط غـــــير الآلي:
ويتم التوصل إليه باعتماد المعرفة الموجودة مسبقا؛ أي المعرفة الخلفية، وهو قريب من الاستدلال المعلوماتي؛ الذي يوظفه القارئ لفهم النص، إلا أن هذا الاستدلال المعلوماتي يشبه الرابط الآلي، أو كيفما كان نوع الاستدلال، فالتعرف عليه باعتباره ترابطا آليا أوغير آلي، لا يمكن أن يتم باستقلال عن الشخص أو الأشخاص المتفحصين للنص بحسب رأي براون ويول.

د ـ الاستدلال كملء للفراغ أو التقطيع في التأويل:

حيث يتم معالجة مشكل الاستدلال انطلاقا من مجموعة أسئلة الفهم ( من، ماذا، أين، متى)، فإذا اتضح أن الإجابة عن بعض هذه الأسئلة تتطلب من القارئ عملا تأويليا إضافيا؛مثل ملء الفراغات أو التقطعات في تأويله، فإننا سنجد أساسا من أجل التنبؤ بنوع الاستدلالات المطلوبة.

________________________________________
خصائص الخطاب الأدبي

"الأدب لا ينشأ في فراغ،بل في حضن مجموعة من الخطابات الحية؛التي يشاركها في خصائص عديدة، فليس من المصادفة أن تكون حدوده قد تغيرت على مجرى التاريخ"
الأدب في خطر، تزيفطان طودوروف، ترجمة: عبد الكبير الشرقاوي،دار توبقال للنشر،ط1،2007 ص20.

خصائص الخطاب الأدبي، ليست سياجا نسيج به هذا الخطاب لتمييزه عن غيره من الخطابات، فإذا كان الأدب كالزئبق كلما عملنا على تحصيله نجده ينفلت من جديد؛ فالخطاب الأدبي هو انعكاس لهذه الزئبقية؛ وبالتالي فلن يسعنا التطرق إلى خصائص هذا الخطاب أو بعض خصائصه،إلا في إطار مجموعة من التيارات التي حاولت جاهدة أن تحيط به، ومنها:
1 ـ مدرسة علم الجمال الحديث:
خصائص هذه المدرسة تتجلى في نقطتين أساسيتين:
أ ـ إعادة إضفاء القيمة على صورة الفنان/المبدع؛وهي فكرة لاهوتية، تنطلق من تشبيه الفنان بالإله المبدع، فإذا كان الرب في الديانة التوحيدية كائن لا متناه، يخلق عالما لامتناهيا، فالشاعر عند هذه المدرسة يماثل إلها يصنع أشياء متناهية، فهم يعتبرون أن العبقرية الإنسانية في هذا العالم تحاكي العبقرية المطلقة.
ب ـ هدف الشعر ليس محاكاة الطبيعة، بل إبداع الجمال، وهذه الفكرة الثانية بمثابة علمنة لفكرة الألوهية، فالجمال عندهم لا يفضي إلى شيء يتجاوز ذاته.
2 ـ المدرسة الرومانــــــــــــسية:
وقد انطلقت هذه المدرسة من التمثيل المنتظم للتاريخ، باعتباره حلقة من التطور الدائم، يتم فيها تصور الأدب باعتباره تعبيرا عن الفرد والمجتمع، فالأدب عندهم إذن مرتبط بالواقع الاجتماعي والثقافي بأبعاده المتعددة، ولذلك فلا غرابة أن نجد أن جوهر النظرية الرومانسية في علاقة الأدب بالواقع، تحكمه وظيفة أو قدرة هذا الأدب على تغيير الواقع.
3 ـ النزعة الشكــــــــلية الروسية:
النزعة الشكلية الروسية تشترك مع النقد الجديد الأمريكي الانجليزي؛ في السعي إلى اكتشاف الخصوصية الأدبية للنصوص، ورفض النظرة الروحانية الرومانسية، مع اتخاذ موقف تجريبي وتفصيلي من القراءة.
وهذه النزعة تنظر إلى الأدب باعتباره استخداما خاصا للغة، يحقق تمييزه بالانحراف عن اللغة العملية وتشويهها، وهو يجعلنا نرى بطريقة مختلفة، والفرق بينه وبين اللغة العملية أن الأخيرة تستخدم استخداما يرتبط بأفعال التوصيل، أما اللغة الأدبية فهي عندهم لغة شاعرية حصيلة بناء يقوم به الأديب، أو ما اصطلح عليه طودورف" البناء المبتكر".
3 ـ الــــتوجه الماركـــــــــــسي:
ويقوم هذا التوجه على فكرة تاريخية الأدب، وارتباطها بتطور المجتمعات المختلفة، وتحولاتها، طبقا لاختلاف البيئات والظروف والعصور؛ يعني أن هدف الماركسية كان هو ريط الأدب بالمجتمع ، وبالتالي تصبح الأعمال الأدبية تعبيرا عن الواقع الخارجي، قصد ربطها بتفاعلات المجتمع وأبنيته ونظمه وتحولاته، فيصبح الأدب تمثيلا للحياة على المستوى الجماعي وليس على المستوى الفردي، ويصبح المجتمع هو المنتج الفعلي للأعمال الأدبية.
5 ـ البـــــــــــــــــنيويـــــــــــــة:
ومجال عمل البنيويين يفوق اللغوي إلى الميتالغوي، فالمبدع يرى العالم ويكتب عنه، لكن الناقد ليست له علاقة مباشرة بهذا العالم، لهذا فهو يسبح فوق لغة النص، ويحاول أن يقبض عليها ويمسك بها، ليحلل علاقتها.
فنظرية الأدب البنيوية؛ نظرية في ظواهر الإبداع الأدبي من منظورها اللغوي والفني والجمالي، وهمها اختبار لغة الكتابة.
وقد عمل روادها على الجمع بين المقاربة الداخلية(دراسة علاقة عناصر العمل الأدبي فيما بينها)، والمقاربة الخارجية ( دراسة السياق التاريخي والإيديولوجي والجمالي)، لكن لا يبدو أنهم وفقوا بشكل كبير في تحقيق غايتهم، وهذا يظهر من خلال كلام تودوروف:"كان مقصدي ومقصد الأشخاص حولي في ذلك العهد، إقامة توازن أفضل بين الداخلي والخارجي، كما بين النظرية والتطبيق، لكن ما هكذا جرت الأمور".
6 ـ التفـــــــــــــــــــكـــيـكــــــة:
وقد انبثقت من داخل البنيوية نفسها لكن كنقد لها، كما تغذت من أطروحات كارل ماركس وفرود؛ اللذان عملا على تفكيك أسس الحداثة بطريقة غير مباشرة، وتغذت بشكل كبير من أطروحات فريدريك نيتشه ومارتن هيدجر، لكن مؤسسها الحقيقي هو جاك دريدا، لذا فمميزات هذا التيار تقوم على أطروحات دريدا( الاختلاف، نقد التمركز، نظرية اللعب، علم الكتابة، مقولة الحضور والغياب).

إذن، فالخطاب الأدبي هو عبارة عن خطابات، هذه الخطابات لتضمن للأدب غناه واستمراريته يجب أن لا تقوم على فكرة الإقصائية، إذ " يمكن الاحتفاظ بمشاريع الماضي الجيدة دون الاضطرار لتسفيه كل ما يجد منبعه في العالم المعاصر" كما يقول تودوروف.
فالخطاب ـ أي خطاب وكل خطاب ـ كما قال د.نصر حامد أبو زيد؛" ليس خطابا مغلقا مستقلا عن غيره من الخطابات في سياق ثقافي حضاري بعينه، ومهما تصاعدت آليات الإقصاء والاستبعاد ؛التي يمارسها خطاب ضد خطاب آخر، فإن حضور هذا الخطاب الآخر في بنية الخطاب الأول يمكن تتبعه على مستوى البنية والسرد، إن لم يكن على مستوى المنطوق والمفهوم".
كما يجب الانتباه من تصيير الوسائل غاية، وهذا ما أصبحت المدارس تشهده اليوم؛ حيث أصبحت تقوم بتدريس الدراسات الأدبية لا الأدب، وأصبحت تعلم التقنية وتعجز عن تبليغ جمالية الأدب المؤدية إلى عشقه، فهذه التعثرات وغيرها وجب تجنبها للخروج بالأدب من دائرة الخطر. وإن كانت هناك من حسنة تحسب لتودورف؛ فهو قوله:" إن من غياب التواضع أن نقوم بتدريس نظريتنا عن الأعمال الأدبية بدل الأعمال الأدبية ذاتها"، وهذه أجمل رسالة يمكن أن توجه اليوم إلى دارس ومدرس الأدب.
________________________________________
المحاور:
1ـ تعـــــــريف تحــــــليل الخـــــــــــطاب
2ـ المبادئ التي تحكم التأويل في الخطاب
3ـ مســـــــــــنـــــــــدات الخـــــــــــــطاب
4 ـ خـــــــــصائص الخــــــــــطاب الأدبي
________________________________________



ـ الأدب في خطر، تزيفطان طودوروف، ترجمة: عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال للنشر، ط1، 2007.
ـ الخطاب والتأويل(سلطة السياية وسلطة النص)،د. نصر حامد أبو زيد، المركز الثقافي العربي،ط1، 2008، الدار البيضاء المغرب.
ـ الخطاب الروائي، ميخائيل باختين، ترجمة وتقديم محمد برادة ، دار الأمان، الرباط، ط2 ، 1987.
ـ لسانيات النص، مدخل إلى انسجام الخطاب لمحمد خطابي ، المركز الثقافي العربي ط1، 1990 ،الفصل الثالث " تحليل منظور الخطاب".
ـ مابعد الحداثة ـ دراسة في المشروع الثقافي الغربي ـ ، د.باسم علي خريسان، دار الفكر
ـ مناهج النقد المعاصر، د.صلاح فضل، افريقيا الشرق، 2002.
ـ النظرية الأدبية المعاصرة، رامان سلدن، ترجمة وتقديم: جابر عصفور،دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع، ط1 ، القاهرة 1991.
ـ نظرية التأويل "الخطاب وفائض المعنى"، بول ريكور، ترجمة: سعيد الغانمي، المركز الثقافي العربي، ط1 ، 2003.

إعداد: شلخون لطيفة

شارك :

عن الكاتب مدون محترف

هذا النص الغبي ، غير مقصود لقرائته . وفقا لذلك فمن الصعب معرفة متى وأين نهايته ، لكن حتى . فإن هذا النص الغبي ، ليس مقصود لقرائته . نقطة رجوع لسطر مدونة مدون محترف ترحب بك

  • لمشاهدة الإبتسامات اضغط على مشاهدة الإبتسامات
  • لإضافة كود معين ضع الكود بين الوسمين [pre]code here[/pre]
  • لإضافة صورة ضع الرابط بين الوسمين [img]IMAGE-URL-HERE[/img]
  • لإضافة فيديو يوتيوب فقط قم بلصق رابط الفيديو مثل http://www.youtube.com/watch?v=0x_gnfpL3RM